أى تقرير صحفى عن النجم المصرى محمد صلاح هو بالتأكيد تقرير مهم.. وتزداد أهميته إن كان ناشر هذا التقرير هو صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية الشهيرة.. وتتضاعف أهميته إن كان موضوع التقرير هو قدرة محمد صلاح على التأثير فى الجمهور الإنجليزى وتغيير بعض أفكاره وأحكامه.

ففى الخامس عشر من فبراير الحالى.. كتب جاكوب بوجاجى فى الواشنطن بوست عن محمد صلاح ونجاحه وتألقه هذا العام مع ليفربول الذى دفع بالكثيرين من مشجعى النادى الإنجليزى العريق لإعداد أغنية لمحمد صلاح يقولون له فيها إنه إذا سجل محمد صلاح أهدافا أخرى فسنتحول نحن ونصبح أيضا مسلمين.. ولم يتوقف جاكوب فى تقريره طويلا أمام هذه الأغنية ومفرداتها، لكنه توقف أكثر أمام دلالتها.. إذ إن الإنجليز هم أكثر جماهير كرة القدم فى العالم عنصرية، فهم يتعاملون مع لاعبيهم طوال الوقت حسب دياناتهم وجنسياتهم وألوانهم.. هكذا قال بيارا بوار.. مدير شبكة فير التى هى الأحرف الأول من الكلمات الإنجليزية.. كرة القدم ضد العنصرية فى أوروبا.

وأكد بوار أن محمد صلاح صنع تغييرا حقيقيا وملحوظا فى سلوك الجمهور الكروى الإنجليز، فأصبح بذلك هو أول لاعب كرة مسلم يحظى بمثل هذا الحب وهذا التقدير والاعتزاز.. وقال مدير شبكة فير أيضا إن محمد صلاح هو أول لاعب فى الدورى الإنجليزى مؤخرا لا تقف ديانته عائقا أمام حب الناس له وإعجابهم به.. وتوقف جاكوب بوجاجى فى تقريره طويلا أمام محمد صلاح، وكيف نجح فى إحداث هذا الفارق والتغيير.. هل هى موهبته وأهدافه الكثيرة والمؤثرة أم هو سلوكه العام الذى لا ينقصه التزام واحترام.

ولم يستطع بوجاجى الوصول إلى إجابة محددة وقاطعة، رغم خبراته وتجاربه الطويلة، فقد سبق له تغطية النشاطات الاقتصادية بمختلف قضاياها وملفاتها قبل أن يبدأ فى الكتابة عن الرياضة للواشنطن بوست منذ ثلاثة أعوام.. وقد أصبحت الواشنطن بوست تتابع عبر صفحاتها الرياضية أخبار وحكايات محمد صلاح وتتوقف وتشيد بما يقدمه ويقوم به وكل ردود الأفعال الإنجليزية.. تماما مثلما سبقت الصحافة الإنجليزية الواشنطن بوست فى ذلك.

وكان ذلك تغييرا إعلاميا بات يستحق التوقف والاهتمام منا نحن هنا فى مصر.. فتغيير الصورة عنا هناك ليس مستحيلا كما يتصور كثيرون منا.. وليس صحيحا أنهم هناك، طوال الوقت، يتآمرون علينا ويبدأون كل يوم جديد بالتخطيط لإيذاء مصر وتشويه صورتها.. المشكلة فقط أننا نعجز معظم الوقت فى الحديث عن أنفسنا وبلادنا باللغة التى يمكن فهمها والمفردات التى يمكن احترامها أيضا.. وهو ما نجح فيه محمد صلاح وأثبت إمكانية كل الذى كنا ولا نزال نظنه مستحيلا.

فهناك أكثر من أغنية أخرى بدأ جمهور ليفربول فى غنائها عن محمد صلاح ومصر باعتبار صلاح هو الفرعون المصرى الذى يسجل لهم الأهداف ويحقق الانتصارات.. وأثبت لنا محمد صلاح أيضا ما يمكن أن تقدر عليه كرة القدم التى لابد من الالتفات إليها كسلاح مصرى، وألا تبقى رؤيتنا لها مجرد لعبة ومباريات وبطولات فقط.

*نقلا عن جريدة المصرى اليوم